مقالات الدكتور جاسم سلطان

الأفكار القاتلة وسوريا

الطائفية والحزبية والعرقية والجهوية والأحقاد التاريخية، وما تشبَّعه الإنسان من هذه الأفكار، لا يزول بمجرد الثورة على مستبد، بل على العكس، فالثورة حالة ضعف تحاول كل هذه الأفكار فيها إطلاق طاقتها السالبة…

الثوار وبقية المجتمع بشر جاءوا من خلفيات مختلفة وتصورات متباينة، لا تختلف في عمومها عن مدارس التنشئة وما تحمله من احتقانات…

القيادة تحمل رؤية لوطن للجميع في خطابها المعلن، فهل القوى الاجتماعية، المنتمية لها وغير المنتمية، تحمل نفس الحلم؟ وكم حجم القوى التي تفهم الحاجة لسعة في الخُلق ليولد الوطن الجديد؟

إذا كانت مرحلة التأهيل ستمتد لأربع سنوات، فهي فرصة لإنشاء ورشة وطنية كبرى لزرع الأفكار التي تنادي بها القيادة، ليس بين الإسلاميين فقط، ولكن بين كل الطيف الوطني.

مثل هذا المشروع يحتاج إلى تنادي نخبة مستنيرة متعددة الاختصاصات والتوجهات لتحرير فضاء الفكر واقتلاع الأفكار والتصورات المغلوطة والمعيقة…

الزمن ضيق، والأحداث ستتلاحق، وما يظهر في الوسائط الاجتماعية، سواء من قبل من يلبسون الزي العسكري للثورة، أو من الطائفيين ومن يزرعون الفتنة، هو مستصغر الشرر… وعلامة خطر قادم…

فالخوف على الدول ليس من خارجها، لأنه خطر متوقع، بل الخطر يأتي من الغفلة عن نظام الأفكار الحاكم، إذ قد يغتال حلم الوطن الواحد في غفلة من الزمن…

أنا أعلم عن قرب أن هناك قوى مستنيرة كثيرة في سوريا، ولكن هل وصلت إلى الكتلة الحرجة التي تسمح بعبور العقبة؟ هذا ما ستفرزه التجربة الحية…

سوريا في هذه اللحظة لها أولويات قطعاً، ولكن القاتل الصامت هو نظام الأفكار المنتشرة والمكتوبة بالحبل السري…

الخلاصة:
الفرح بالنصر مشروع… لكن العبور إلى بر الأمان هو النصر الكامل، وهو ما يجب أن نلتفت له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى